الملخص
يتناول هذا البحث موضوع التحولات الفكرية والمعرفية في الإسلام السياسي، من خلال تحليل عميق لمفاهيم الدولة، والمواطنة، والمشاركة السياسية، كما تتجلى في خطاب الحركات الإسلامية المعاصرة، مع التركيز على أنموذج حركة المقاومة الإسلامية "حماس". وتكمن مشكلة الدراسة في فهم مدى تأثر الحركات الإسلامية بالتحولات الفكرية والمعرفية، وقدرتها على الانتقال من الخطاب الشمولي إلى البراغماتي. وانطلقت الدراسة من مجموعة من الأسئلة الرئيسة، أبرزها: ما طبيعة التحولات الفكرية في الإسلام السياسي؟ وما مدى انعكاسها على خطاب وممارسة الحركات الإسلامية؟ وإلى أي مدى يمكن اعتبار أنموذج حماس مؤشرًا على تحولات معرفية داخل الإسلام السياسي المقاوم؟
سعت الدراسة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أهمها: تحليل البنية الفكرية لخطاب الإسلام السياسي، دراسة التحول نحو البراغماتية السياسية، واختبار فرضية التطور المعرفي من خلال حالة حركة حماس. واعتمدت الدراسة على المنهج التحليلي النقدي، ومنهج تحليل الخطاب، إضافة إلى المنهج التاريخي المقارن.
توصلت الدراسة إلى نتائج مهمة، أبرزها أن حركة حماس أظهرت تحولًا معرفيًا واضحًا في بنيتها الخطابية من الطابع الأيديولوجي المغلق (كما في ميثاق 1988) إلى خطاب براغماتي سياسي (كما في وثيقة 2017)، وهو ما يُثبت القابلية الديناميكية للإسلام السياسي للتكيف مع شروط الدولة الحديثة، كما أن الحركة قدّمت تصورًا مؤسساتيًا لعمل الحكومة، شمل 18 محورًا إداريًا وتشريعيًا واقتصاديًا، وهو ما يعكس استعدادها للتعامل مع الدولة بوصفها نظامًا مدنيًا لا مجرد أداة للمقاومة. كما في تحليل البرنامج الانتخابي لحماس (2006).
وأوصت الدراسة بالتركيز في الدراسات المستقبلية على البنية المعرفية الداخلية للحركات الإسلامية، وذلك عبر تحليل المفاهيم التي تستخدمها في خطاباتها وبرامجها، مثل الدولة، المقاومة، المواطنة، وذلك بهدف تجاوز التحليلات السياسية السطحية إلى مقاربات معرفية أعمق. وضرورة تطوير أدوات منهجية متعددة التخصصات تجمع بين تحليل الخطاب السياسي، والأنثروبولوجيا السياسية، والمقاصد الشرعية، لفهم الحركات الإسلامية ليس فقط كفاعلين سياسيين، بل كمشاريع فكرية حية في تحول دائم.

هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution-ShareAlike 4.0 International License.
الحقوق الفكرية (c) 2025 مجلة جامعة الاستقلال للأبحاث